انتخابات رئيس الجمهورية الجديد في ايطاليا

سمير القريوتي / روما

يوم الأثنين 24 يناير 2022 م تبدأ في قصر مونتشيتوريو، مقر مجلس النواب الإيطالي في روما، انتخابات رئيس الجمهورية الجديد  خلفا للرئيس سيرجو ماتاريللا الذي يتابع انتخابات  خليفته من منزله في مدينة باليرمو بجزيرة صقلية، ثم يعود الى روما للاستقرار في منزل جديد أعده منذ فترة حيث يصبح تلقائيا وبحكم الدستور عضوا في مجلس الشيوخ مدى الحياة ويواصل عمله السياسي من هناك.

تقوم بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد جمعية انتخابية عدد اعضاءها 1009 نواب هم كالتالي : 630 نائب هم أعضاء مجلس النواب الإيطالي ، 315 نائب هم اعضاء مجلس الشيوخ ، 6 نواب مدى الحياة هم اعضاء في مجلس الشيوخ تم تعيينهم تكريما لخدماتهم للدولة ، 58 نائبا هم ممثلين عن مجالس الأقاليم  بمعدل 3 نواب عن كل اقليم ما عدا 1 عن اقليم فال داوستا في اقصى شمال إيطاليا ، سبب هذا النظام الانتخابي ان ايطاليا جمهورية برلمانية و النظام السياسي برلماني وليس رئاسي ومن ينتخب رئيس الجمهورية هم ممثلوا الشعب وليس المواطنين مباشرة كما هو الحال في الولايات المتحدة او فرنسا مثلا. 

يحق لأي مواطن إيطالي بلغ من العمر 40 عاما ترشيح نفسه لهذا المنصب وفق الدستور الإيطالي شريطة ان يتمتع بكل الحقوق السياسية والمدنية المنصوص عليها في القوانين السائدة ، لكن هناك اكثر من طرف يرشح الشخصيات التي تتنافس في الانتخابات مثل : تجمع احزاب يمثل 500000 مواطن أوناخب يصوتون في الانتخابات الإيطالية على اختلاف انواعها ، لجنة من نواب ايطاليا في البرلمان الأوروبي ، لجنة من عمد مدن ايطاليا وعددها ثمانية الاف مدينة ، لكن التقاليد هي ان ترشح الأحزاب مجموعات من الشخصيات بمؤهلات ومزايا تعكس التزام المرشح بممارسة عمله كحامي للدستور الإيطالي .

الجمعية الانتخابية هذه مكونة من القوى السياسية الحالية في البرلمان ومجالس الأقاليم أي :

وسط اليمين وله 446 على النحو التالي : الرابطة 197 نائبا ، فورسا ايتاليا بيرلوسكوني وله 131 نائبا، أشقاء إيطاليا الفاشي سابقا وله 58 نائبا ، كوراجو ايتاليا وله 22نائبا ، نحن مع ايطاليا – النهضة وله 5 نواب .ممثلوا الأقاليم عن وسط اليمين 33 نائبا.

وسط اليسار وله 413 نائبا على النحو التالي : حركة 5 نجوم ولها 230 نائبا ، الحزب الديمقراطي وله 134 نائبا ، أحرار ومتساوون وله 18 نائبا ، الوسط الديمقراطي وله 6 نواب . ممثلو الأٌقاليم عن وسط اليسار 25 نائبا ( 5 منهم قيد الانتخاب)

الوسط وله 49 نائبا على النحو التالي: حزب ايتاليا فيفا بقيادة ماتيو رينزي وله 44 نائبا، حزب العمل مع حزب أوروبا أكثر ولهما 5 نواب .

الكتلة المشتركة ولها 101 نائب على النحو التالي : المستقلون 12 ، المنتخبون خارج ايطاليا اي المغتربون ولهم 9 نواب، حزب ” يوجد البديل ” وله 16 نائبا ، حزب ايتاليا ايكزت ( لتخرج ايطاليا من الاتحاد الأوروبي ) وله 3 نواب، الكتلة المختلطة من عدة قوى ولها 59 نائبا، 2 من نواب مجلس الشيوخ مدى الحياة لم يسجلا رسميا في الكتلة المشتركة . 

يتم انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بالاقتراع السري وباسلوب المناداة بالأسم حسب الحروف الأبجدية ، وتمت بمناسبة أخطار كوفيد ازالة مقصورتي اقتراع مغطاة بسقفين وستائر والاستعاضة عنها بممرات مفتوحة داخل قاعة المجلس وعليها صناديق وسواتر زجاجية على الأطراف تضمن سرية التصويت، ولوجود حوالي 50 نائبا مصابون بكوفيد 19 ( مسح طبي اعطى نتيجة ايجابية ) حيث تم اعداد مركز اقتراع داخل موقف سيارات المجلس كما يحق لبعضهم حسب ما اعلن يوم السبت التصويت من الفنادق التي يقيمون بها بالقرب من مبنى مجلس النواب .

تجري انتخابات رئيس الجمهورية بجولات اقتراع لايعرف عددها ولكن اول ثلاثة جولات اقتراع يستوجب فيها حصول المرشح الفائز على ثلثي عدد اصوات الجمعية الانتخابية وهو في حالتنا هذه 673 صوتا ( ثلثي 1009 ) .

اذا جرت اول 3 جولات اقتراع او تصويت دون تحقيق نصاب الثلثين ، يتم الانتقال من الجولة الرابعة فما فوق الى نصاب الغالبية المطلقة ومقداره حاليا 505 اصوات ( النصف + 1 ) . وهذه منصوص عليه في نظم البرلمان على أساس الدستور .

كما نرى من الأرقام الواردة هنا لا يوجد لأي تكتل القدرة على تحقيق اي من النصابين في الثلثين والغالبية المطلقة حتى لو انضم حزب رينزي الى اليمين او الى اليسار مما يعزز دور الكتلة المشتركة والتي لها 101 نائب لكنها مشتتة وغير منسجمة ومتفرقة وتصوت قواها بحسب المصالح الحزبية الخالصة.

المرشحون الأقوى للفوز بمنصب رئيس الجمهورية كانوا حتى مساء السبت الموافق 22 يناير الجاري : سيلفيو بيرلوسكوني قائد حزب فورسا ايتاليا وماريو دراغي رئيس الوزراء الحالي وهو من خارج البرلمان ولا ينتمي لأي حزب وهو غير منتخب اصلا ويقود حكومة ” وحدة وطنية ” تشمل كل احزاب البلاد ما عدا الحزب الفاشي سابقا أشقاء ايطاليا بقيادة جورجا ميلوني، التي لا تؤيد دراغي لفظيا لكنها حليفة الرابطة اليمينية المتشددة في تكتل يمين الوسط او وسط اليمين بشكل ادق. ثم هناك عدد من الشخصيات التي قد تقفز الى منصب رئيس الجمهورية، مثل بيير فيردناندو كازيني رئيس مجلس النواب السابق والذي خاض تجربتي وسط اليمين ووسط اليسار لعدة سنوات وجوليانو اماتو رئيس الوزراء الأسبق والاشتراكي العريق وصاحب الخبرة الدستورية .

سيلفيو بيرلوسكوني خاض حملة انتخابية ساخنة ووعد واجتمع واتصل ولاقى معارضة وصلت الى حد التهديد من جانب المجتمع المدني بمظاهرة حاشدة ضد ترشيحه امام مجلس النواب يوم الانتخابات، كما هدد مئات الإيطاليين بالتخلي عن الجنسية الإيطالية بعد سلسلة فضائحه الطويلة التي ادت الى كف يده عن العمل بالشأن العام وطرده من مجلس الشيوخ قبل سنوات. سيلفيو بيرلوسكوني أعلن مساء السبت انسحابه من الانتخابات مما اوجد جوا من الراحة لدى القوى السياسية دون استثناء .

ماريو دراغي لا يمكن ان يقبل بالترشيح الا اذا ضمن نجاحا فوريا في احدى الجولات الثلاث الأولى فهل هذا ممكن ؟. مناورة بيرلوسوكني بالانسحاب تعني سياسيا أنه يغلق الطريق امام ترشيح دراغي وهو يصر كغيره من زعماء اليمين أن تجربة دراغي في الحكومة مثالية وناجحة وعليه الاستمرار هناك. من هنا يقول وسط اليمين انه سيحدد باقة اسماء لشخصيات عريقة مثل فرانكو فراتيني وزير الخارجية الأسبق ومارشيللو بيرا الخبير في شئون الدستور والسيدة ليتيزيا موراتي عضو مجلس اقليم لومبارديا ( ميلانو ) والوزيرة سابقا في بعض حكومات بيرلوسكوني ، ورئيسة مجلس الشيوخ الحالية ايلزابيتا كازيللاتي .

وسط اليسار خاصة الحزب الديمقراطي يصر على ترشيح ماريو دراغي اذا لم يتمكن احد من اقناع ماتاريللا بعودة انتخابه ولو لعامين فقط لتسيير الفترة التشريعية الحالية حتى نهايتها الطبيعية عام 2023.

هذا من مصلحة العديد من النواب الحاليين لأن الانتخابات المقبلة ومهما كان نوعها اي تشريعية اعتيادية ام طارئة اذا ما تم حل البرلمان الحالي بقرار من رئيس الجمهورية الجديد سينتخب فرعي برلمان بعدد ثابت 200 لمجلس الشيوخ و 200 لمجلس النواب وهذا يعني ان العشرات من النواب الحاليين ان وقعت ازمة وزارية استوجبت حل البرلمان قبل اكتوبر القادم فانهم لن يحصلوا على تقاعد ثابت وعلى مزايا النواب السابقين المتعارف عليها هنا.

انتخاب دراغي لمنصب رئيس الجمهورية سيفتح قضية رئاسة الوزراء فهذه المرة الأولى التي تواجه بها ايطاليا مثل هذا الوضع اي رئيس وزراء في الخدمة ينتقل الى رئاسة الجمهورية. من يحل مكانه ؟ الوحيد الذي يملك اوراق الخبرة والتجارب المتعددة هو بيير فيردناندو كازيني ، وكثيرون يرون ان كازيني مؤهل لرئاسة الجمهورية . حركة 5 نجوم هي اكبر حزب في ايطاليا حاليا بالرغم من انقسامها وفي اي انتخابات قادمة لن تستطيع ايصال سوى مجموعة صغيرة من النواب ، لأن كل استطلاعات الرأي تقول ان احزاب وسط اليمين هي الفائزة حتما .

صباح الاثنين وقبل بداية جولة الانتخابات الأولى سوف يعلن كل طرف مرشحيه وانتخاب الرئيس الجديد يحتاج الى توافقات واتفاقيات وموافقات عديدة تخص رئاسة الجمهورية والحكومة معا وبفعل كورنا سيء الذكر وقاتل الحريات ، تقرر اجراء جولة اقتراع واحدة في اليوم، وبوسعنا القول ان المعركة قد تطول عدة أيام وربما تبدأ فعليا من الجولة الرابعة حيث سنعرف منها الاسم الأكثر قربا من فرصة دخول قصر كويرنالي الجمهوري.                                       

Rispondi

Inserisci i tuoi dati qui sotto o clicca su un'icona per effettuare l'accesso:

Logo di WordPress.com

Stai commentando usando il tuo account WordPress.com. Chiudi sessione /  Modifica )

Foto di Facebook

Stai commentando usando il tuo account Facebook. Chiudi sessione /  Modifica )

Connessione a %s...